المراء والجدال في كتاب الله ودينه -بل حتى فيما دون ذلك- هو مما نهينا عنه، وليس هو من عقيدة أهل السنة والجماعة، ولا من شأنهم، ولا من صفاتهم، وإنما الذي عليه أهل السنة هو المجادلة بالتي هي أحسن، أما ما كان في دين الله واضحاً ومعلوماً لدينا، فلا نجادل فيه أهل البدع ولا نماريهم، بل ننصح العامة بألا يجادلوهم، ونقول لهم: هذا كلام الله، وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن قبلتموه فأنتم مؤمنون، وإن رفضتموه فأنتم منحرفون.
وقد قال يزيد بن هارون رضي الله عنه -وهو من الأئمة الثقات-: [[نحن أخذنا علمنا عن التابعين، عن الصحابة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم عمن أخذوا؟!]] أي: نحن أخذنا ديننا وعقيدتنا بالتلقي عن التابعين، والتابعون عن الصحابة، والصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أما أهل البدع فعمن أخذوا عقيدتهم؟ وما هو سندهم؟! لا تجد أهل الزيغ والضلال إلا ويكون مرجعهم: أقوال أفلاطون و أرسطو وأقوال الصابئة واليهود الذين مرجعهم إلى عقولهم.
فقوله: "ولا نجادل في القرآن" يظهر لنا أنه يقصد ما قاله أهل البدع: من أن القرآن مخلوق، ولدينا قرينة من كلامه رحمه الله، وهي قوله: "ولا نقول بخلقه، ولا نخالف جماعة المسلمين" إذاً: يقصد بذلك أننا لا نقول: إن القرآن مخلوق، ولا نماري فيه كما مارى فيه أهل البدع الذين ذكرهم الله بقوله: ((فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ))[آل عمران:7] وهي الفرق والطوائف التي تدعي الإيمان بالقرآن وتجادل فيه، وهي زائغة ضالة عن هداه، وعن الحق الذي نزل به.